الإسلام السياسي والميديا..كتاب جديد
حظيت الحركات الإسلامية بنصيب كبير من الدراسات على مستوى العالم، ركز غالبيتها على المذاهب الإسلامية، الأيدولوجيات المختلفة، المسارات السياسية التى سلكوها، علاقاتهم مع السلطة، مشاركتهم فى المجتمع السياسى وانتشارهم العابر للحدود. ولكن لم تستطع كل هذه الدراسات الكشف عن العديد من أسرار هذه الظاهرة وذلك لأنها ظاهرة متطورة ومعقدة مثل العديد من الظواهر الإجتماعية الأخرى.
لذا فقد خصص المركز الفرنسى لدراسات الشرق الأوسط (IFPO) أحدث اصداراته البحثية لتناول موضوع الإسلام السياسي والميديا وهو من الموضوعات الهامة التى لم يتم تناولها الا بشكل ضئيل، فمنذ أحداث 11 سبتمبر وانهيار النظام البعثى العراقى، أصبحت وسائل الإعلام الرقمية أداة هامة ميزت الإعلام العربى والعالمى وكانت في الوقت نفسه أداة من أدوات الإسلام السياسى وظفها من أجل نشر معتقداته وللتصدي للحروب العدائية التى تشن ضده. إضافة إلى أن المشهد الإعلامي العربي خضع منذ منتصف 1990 لتغييرات كبرى لابد أن نأخذها فى الاعتبار.
قدم هذا الكتاب العديد من اسهامات الباحثين، والحاصلين على الدكتوراه والصحفيين، الذين اعتمدوا فى تحليلاتهم على الدراسة الميدانية، والذين قدموا وجهات نظر جديدة من أجل الكشف عن كيفية استخدام الاسلاميين للاعلام ومعالجتهم للصراعات والنزاعات التى تكون الحركات الإسلامية طرفا فيها، كما يلقي الكتاب الضوء على حقيقة الاصدارات السنية والشيعية، واستخدامهم للمشاهد المرئية والسمعية من أجل تحقيق التعبئة وللتأثير على العالم الخارجى.
وتحاول مساهمات الباحثين أن تكشف عن وسائل الإعلام الغير مألوفة التى لجأ اليها العالم العربى من أجل التعبئة السياسة ، فلم يقتصر الأمر على القنوات الفضائية أو مواقع الانترنت بل كذلك الأساليب المنهجية من أجل تحفيز الناس وذلك من خلال الفيديو كليب والاعلانات.
اتسع مجال الدراسات التي يحتويها الكتاب لكى تشمل الجهات الإسلامية المختلفة بالاضافة الى توضيح الأراء المختلفة حولها سواء كانت سنية أو شيعية المنخرطة فى الحياة السياسية سواء كانت داخلية أو عابرة الحدود، منظمات مسلحة، تيارات سياسية. كما تكشف هذه الدراسة المتنوعة (من حيث مناهج الدراسة أو الأساليب المستخدمة للتحليل هذا الموضوع) عن الأساليب الجديدة للمشاركة الاسلاميين وتثير التساؤلات حول كيفية تطور الإسلاميين والأزمات الإجتماعية من انشقاقات تسببها هذه الجماعات مع تقديم العديد من المنظورات التجريبية.
يضم الكتاب عددا من الأبحاث، اهتمت المجموعة الأولى بظاهرة الاسلام السنى، خاصة فى مصر التي تعد حقلا لظهور العديد من القنوات الدينية المختلفة، وتنقسم هذه المجموعة الى ثلاثة مقالات مختلفة:
الدراسة الأولى لوائل لطفى (كاتب وصحفى) وتدور حول القنوات الفضائية التى تمثل الدعاة الجدد، حيث ربط الكاتب هذه الظاهرة بالسياق السياسى والاجتماعى فى مصر فى آخر 1990، فى الوقت الذى كانت تبحث البرجوازية المصرية فيه عن مشروع سياسى واجتماعى وأيضا شكل جديد من التدين أكثر طمأنينه وكان النموذج المقدم هو عمرو خالد.
وجاءت الدراسة الثانية التي قدمها حسام تمام (باحث فى الحركات الإسلامية وصحفى) حول الزحف السلفى فى السنوات الأخيرة فى العالم العربى. تناول الكاتب مسألة انتقال الوعظ من مؤسساته التقليدية أى المساجد الى التلفزيون الذى يعد وسيلة حديثة تتمشى مع متطلبات العصر حيث تحكمها قانون السوق، وقد اتخذ قناة الناس نموذجا في تحليله.
في الدراسة الثالثة تناولت الباحثة فى المركز الفرنسى للشرق الأوسط ألفا لملوم مجالا آخر من مجالات الدراسة وهو موقع إسلام أون لاين الذى يمثل الاسلام المعتدل قبل نقله مؤخرا من مركزه فى القاهرة وتغيير سياسته، حيث كان يمثل نقطة توازن غير مستقرة بين عدة ديناميات مختلفة من الإسلاميين وغير الاسلاميين من جانب وكونه شكلا جديدا للالتزام الاسلامى.
ثم جاء بحث ميشيل ثابت (دكتوراه فى علم الأنثروبولوجيا البصرية) مختلفا عن المجموعة الأولى السنية، آخذا حزب الله ممثلا للشيعة فى لبنان حيث برز كعنصر فاعل لا يمكن تجنبه سواء على المستوى الدينى وقدرته العابرة لحدود للوطن. وبتحليل الكاتب للفيديو (لن تمحو ذكرانا) الذى قدمه حزب الله توصل الى أن الأساس الذى يقوم عليه هذا الحزب هو الصهر بين التعبئة الدينية خاصة الشيعية والتعبئة السياسية والعسكرية التى يدعو اليها حزب الله.
أما المجموعة الأخيرة فقد عكست التصوير المتضارب للصراعات وتقديمه بأشكال مختلفة وذلك من خلال الفيديو الكليب الذى قدم فيه كل من بودوان دوبريه (باحث بمركز الدراسات الاجتماعية لعلوم السياسة) وكلاوس انريكي (الحاصل على دكتوراه) وصفا تحليلىا مقارنا، فالفيديو كليب الأول أخرجه حزب الله تحت عنوان "لا للارهاب" والثانى أخرجته قناة المنار تحت عنوان "نجسوا الأماكن المقدسة" والذين يمثلوا دعوة ضد الارهاب.
جاءت المساهمة الأخيرة لفابريس ويسمان الذى تولى قضية الحروب فى دارفور كما عكستها وسائل الاعلام فى فرنسا وذلك من خلال البحث وراء الأطر التفسيرية التى تم تناولها فى تقديم هذه القضية عبر الاعلام.
عن موقع الاسلاميون:
http://www.islamyun.net/index.php?option=com_k2&view=item&id=667&Itemid=163