قطب أخواني يدلي بشهادات ووثائق مجهولة في تاريخ الحركة
يعد كتاب "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر: 1970- 1984 من الجماعة الإسلامية إلى الإخوان المسلمين" هو الرواية الكاملة للقطب الإخواني الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد السابق بجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب عن حركة تأسيس الجماعات الإسلامية في الجامعات المصرية في السبعينيات، وحقبة ما صار يعرف بالصحوة الإسلامية، وفيه يقدم شهادته على الفترة التي شارك فيها في تأسيس حركة الجماعة الإسلامية إلى وقت انتقاله واستقراره ومعظم أبناء الحركة في جماعة الإخوان المسلمين والتي تمتد من 1970 إلى 1984.
الشهادة أعدها وحررها الصحفي والباحث المختص في شئون الحركات الإسلامية حسام تمام ضمن سلسلة تتضمن أهم الشهادات والوثائق المجهولة في تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة، وقدم للكتاب المفكر والمؤرخ الإسلامي طارق البشري.
يشهد أبو الفتوح في هذه الذكريات من واقع المسئولية، فهو يعد الرئيس الأول والمؤسس للجماعة الإسلامية في كلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة والتي انطلقت منها حركة تأسيس الجماعات الإسلامية في كل الجامعات المصرية، وكان أول رئيس اتحاد إسلامي في الجامعات المصرية.
يبدأ ذكرياته من نهاية عصر الرئيس جمال عبدالناصر، ويحكي كيف كانت صورته في وعي جيله وكذا صورة الإخوان. ثم يروي قصة التحول العام بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967 وظهور المد الديني في مصر، وبدء تراجع المشروع الناصري. ويورد مفارقة أنه ظل رغم تحوله للإخوان على تقدير لعبدالناصر على الضد من حملة النقد العنيفة للعهد الناصري التي سادت فترة السبعينيات.
ثم يسرد كيف بدأ وأبناء جيله العمل الإسلامي عفويا في الجامعات ويشرح دور الشيوخ والعلماء والشخصيات التي دعمت هذا العمل وأثرت فيه في غياب جماعة الإخوان في السجون.
ويتناول أبوالفتوح في الكتاب الصادر عن دار الشروق بالقاهرة، دور الأزهر الشريف وموقعه في الحالة الدينية بمصر في هذه المرحلة. ويتحدث بالتفصيل عن الروافد الدينية والفكرية الأساسية لهذه الصحوة وموقع الدعوة الوهابية فيها وكيف كانت مسئولة عن الحضور السلفي في المد الإسلامي الثاني.
ثم يتناول ما قيل عن وجود أصابع أمنية خططت لانتشار الجماعات الإسلامية ضمن توجه الرئيس السادات لحصار اليسار والناصريين، ويروي وقائع مهمة في هذا الصدد من خلال علاقاته مع رؤساء الجامعات والنقاشات مع مسئولي الدولة.
ويتوقف كذلك في الذكريات عند تطور نشاط هذه الجماعات وكيف تحول العمل الإسلامي من العفوية إلى البناء التنظيمي المحكم وانتشر في بقية الجامعات ومنها لخارج أسوار الجامعة.
ويتذكر كيف تأسس التنظيم وكيف كانت تُختار قيادته، وكيف نشأت مجالس الشورى، ثم كيف تكون أول مجلس لأمراء الجماعات الإسلامية في مصر.
يقف أبوالفتوح كذلك عند علاقة الصحوة الإسلامية بفرقاء السياسة والفكر في الجامعات مثل اليسار والناصريين والصدامات التي كانت تقع معهم. وكيف كانت علاقة الجماعات الإسلامية بالدولة والصدام معها، ويحكي وقائع صدامه وقت أن كان طالبا مع الرئيس السادات في لقائه الشهير على الهواء مباشرة وما تلاها من تدهور في علاقة التيار الإسلامي بالدولة. ويروي أيضا تحول علاقة الدولة بالشباب الإسلامي من السماح حد التسهيل إلى المضايقة حد المنع.
ويروي القطب الأخواني وقائع تطور العلاقة بين الجماعة الإسلامية في الجامعات وبين الإخوان المسلمين بعد خروجهم من السجون.. كيف بدأت؟ وما الخيارات التي كانت لبدء علاقة بينهما؟ وكيف انتهت إلى انحياز القطاع الأكبر من الجماعة - والذي قاده هو - للدخول في الإخوان في حين استقل السلفيون والجهاديون وشكلوا تيارين آخرين أحدهما ارتبط بالسلفية السعودية، والآخر مارس العمل المسلح في معارضته للسلطة.
ثم يتناول الوضع الداخلي للإخوان بعد السجن الناصري، ويحلل طبيعة القيادات وقتها. والفترة التي قضتها الجماعة من غير مرشد بعد وفاة حسن الهضيبي مرشدها الثاني، والتي استمرت نحو 4 سنوات. وكيف كانت تدير أمورها.
بعد ذلك يتوقف د. عبدالمنعم أبوالفتوح عند مشروع الصلح مع إسرائيل وكيف غير علاقة السادات بفصائل العمل السياسي في مصر ومنها الإسلاميون وكيف انتهى إلى اعتقالات سبتمبر/أيلول التي ضمته ضمن أكثر من 1500 معتقل يمثلون كل
أطياف المجتمع المصري. وكيف تطور الأمر لاغتيال السادات وقتما كانوا في السجون. ويروي شهادته علي التحول في سياسة الدولة تجاه الإسلاميين، ويحكي قصصا من سجنه مع أيمن الظواهري وعمر عبدالرحمن وعبود الزمر وغيرهم من قادة الجماعة الإسلامية والجهاد.
ويتوقف القطب الأخواني كذلك عند أبرز المحطات التاريخية مثل الثورة الإيرانية وموقف الإخوان منها والغزو الروسي لأفغانستان وبدء الجهاد الأفغاني ودور الإخوان فيه وتأسيس التنظيم الدولي للإخوان.
كما يتوقف عند تطور موقف الإخوان من قضايا العنف والتكفير والمشاركة السياسية للمرأة عبر وقائع مباشرة كان شاهدا عليها.
وتعد هذه الشهادات الأهم على هذه الفترة من تاريخ العمل الإسلامي بمصر، بل هي في الحقيقة الشهادة الوحيدة المفصلة وعبر قيادة تاريخية ينظر إلى صاحبها باعتباره المؤسس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين بعد مؤسسها الأول الشيخ حسن البنا.
ميدل ايست اونلاين
http://www.middle-east-online.com/?id=99193