الدعاة السلفيون يصعدون.. والجدد يتراجعون(الشروق الجديد)
يتوقع المتابعون للحقل الدعوى ازدياد شعبية الدعاة السلفيين كالشيخ محمد حسان ومحمود المصرى ومحمد حسين يعقوب فى عام 2010 على حساب انحصار شعبية الدعاة الجدد، بسبب التصور العقائدى البسيط وسهولة التطبيق للمنهج السلفى بالإضافة إلى ابتعاد الدعاة السلفيين عن الخوض فى القضايا السياسية، وتراجع المؤسسة الدينية الممثلة فى الأزهر الشريف عن دورها، كما يقول حسام تمام المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية.
ويؤكد تمام أن دعاة السلفية الوعظية القائمة على الوعظ الرقيق هم المرشحون بقوة لأن يكونوا أكثر حضورا وتأثيرا من الدعاة الجدد، مشيرا إلى أن نمط التدين السلفى هو الأكثر قدرة على التمدد لكل شرائح المجتمع حتى الطبقة العليا، وليس طبقات المجتمع الوسطى والدنيا فقط، مشيرا إلى أن الإقبال سيتزايد على القنوات الفضائية السلفية فى الفترة المقبلة.
ويرجع تمام السبب فى ذلك إلى أن السلفية لديها عدة إمكانات، أهمها عدم ارتباطها بالثقافة، مشيرا إلى أن هذا يتناسب مع فكرة العولمة ويتلاءم مع الجيل الجديد من الشباب الأقل ارتباطا بالثقافة والأقل ارتباطا بالمسجد، الذى أصبح التدين نمطا تقليديا لديه، موضحا أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من فكرة صياغة «أغان» بدون موسيقى والعمل الترفيهى المضبوط فقهيا.
وقال «غابت المجلة السلفية التى كانت تصدر بشكل واحد.. الآن بدأ السلفيون يهتمون بشكل قنواتهم ومواقعهم الإلكترونية ومجلاتهم وأصبحوا يستخدمون بدائل تكنولوجية حديثة فبدلا من الموسيقى يستخدمون المؤثرات الصوتية ببراعة، ويستخدمون الجرافيك بشكل جيد فى المجلات والقنوات»، مؤكدا على أنه سيتم التحايل لإيجاد نمط من الترفيه الذى يتعدى المحظورات الفقهية.
وأضاف أنه من ضمن أسباب تمدد الفكر السلفى أن الناس تفتح الفضائيات السلفية بهدف الهروب من السياسة فبعد فترة طويلة من ربط الإسلام بالسياسة تراجعت أطروحة الإسلام والسياسة عند الناس، وأصبحوا يبحثون عن درس دينى وعظى رقيق يبكيه، واضعا فى ذهنه «إيه اللى يدخلنى فى المشاكل؟».
وعلى الناحية الأخرى أكد تمام على وجود ظاهرة الدعاة الجدد بالفعل إلا أنه قال «سيتم حرقها بسرعة لأنها قائمة على نمط التدين الموضة القائم على التجديد والتغيير»، وتساءل «ما هى ميزة جاذبية عمرو خالد الآن؟ مجيبا أنه ليست هناك ميزة الآن»، مشيرا إلى أن الموجود حاليا هو عدد قليل من الدعاة الجدد، وتوقع أن يحدث ميلاد لـ4 أو 5 وجوه جديدة ومختلفة من الدعاة الجدد فى عام 2010، مؤكدا على أنه ما لم يجدد الدعاة الجدد من أنفسهم باستمرار فإن نجمهم سيخفت ضوءه.
وأوضح أن خطاب كلا الطرفين بالغ التسطيح، وليس هناك قضايا حقيقية يطرحونها مشيرا إلى أن كلا الخطابين لا علاقة لهما ببناء المجتمع لأنه يتجاهل الإجابة عن الأسئلة السياسية الاقتصادية الاجتماعية، ويوجد عالما خاصا بأصحابه.
وقال إن أخطر ما يواجهنا الآن هو تحول الخطاب الدينى إلى معلومات سطحية عبر الفضائيات ومواقع الإنترنت التى هى أول درجات «العلمنة» و«الفردانية» فى الحصول على المعلومات الدينية، موضحا أن هذه الفضائيات تكسر التقليد الإسلامى فى الحصول على المعرفة عبر اللقاء المباشر بالعلماء، وأن هذه الفضائيات تؤدى إلى علمنة الدين، مشيرا إلى أنه من الخطير أخذ العلم عن طريق الـsms والتليفون لافتا إلى أن الفتوى عبر التليفون تعتبر إحدى جرائم الفضائيات.
ويتفق الدكتور ضياء رشوان خبير الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية مع حسام تمام، فيتوقع أن يزداد تأثير الدعاة السلفيين فى الفترة المقبلة نتيجة زيادة عدد القنوات ذات الطابع السلفى، مشيرا إلى أنه سيظل صعود الطرفين من الدعاة الجدد والدعاة السلفيين مع بعضهما البعض لأن كل نوعية من الدعاة لهم جمهورهم، موضحا أن الشريحة المتوسطة والعليا يتأثرون بالدعاة الجدد، أما الشريحة الدنيا وبعض من الوسطى تتأثر بالدعاة السلفيين.
ويختلف معهما الدكتور عمرو حمزاوى كبير الباحثين بمؤسسة كارنيجى الذى يؤكد أن الدعاة الجدد سيكون تأثيرهم أكبر من الدعاة السلفيين بالرغم من عدم وجود فوارق نوعية بين الطرفين من حيث أدواتهم الاتصالية واستخدامهم للتكنولوجيا الحديثة، إلا أنه أرجع سبب ارتفاع شعبية الدعاة الجدد لما يطرحونه من القضايا الاقتصادية والتنمية المجتمعية، على عكس الدعاة السلفية الذى ينحصر خطابهم فى الأساس على القضايا الدينية والأخلاقية ولم يخرجوا إلى الدائرة السياسية أو الاقتصادية.
وأوضح حمزاوى بقوله «لو نظرنا على مجمل ما يناقشه الدعاة فى العالم العربى وإسهامهم بصورة كيفية، فسنجد أن الغلبة لمحتويات وأفكار الدعاة الجدد، فمثلا عمرو خالد يبدأ حملة لإظهار الوجه الحقيقى لإسرائيل، وهذا لم يكن موجودا فى الساحة أن يتحدث الدعاة عن إسرائيل وعن موضوعات مرتبطة ارتباطا غير مباشرا بالسياسة، موضحا أن موضوعات وأفكار الدعاة الجدد أصبحت أكثر تنوعا فى العامين السابقين وخاصة فى عام 2009.
إلا أن حمزاوى أكد أن التصاعد لن يكون فى صالح الدعاة الجدد فقط، وقال «سنرى تصاعدا متزايدا للدعاة الجدد والسلفيين فى الكم من حيث الناحية العددية، وتنوعا فى الكيف من حيث استخدام غالبية الأدوات الاتصالية الحديثة، حيث نجد أن الطرفين ممثلان بصورة جيدة فى القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، ولكن التأثر سيكون أكبر للدعاة الجدد».
جريدة الشروق الجديد