هل يعيد الشيخ الطيب زمن الأزهر الشريف؟
كاتب مصري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
على الرغم من أن تراجع المؤسسة الدينية ( الأزهر وما يتصل به من إفتاء وأوقاف ) كفاعل في التدين والتأثير في الشأن الديني كان أبرز معالم التحولات التي عرفتها الحالة الدينية في مصر في الثلاثة عقود الأخيرة؛ فإن ثمة مؤشرات قوية على أننا بإزاء لحظة فارقة نتصور معها إمكانية عودة هذه المؤسسة في استعادة حضورها وفاعليتها كفاعل مركزي في إدارة وتوجيه الشأن الديني في مصر وأنحاء كثير من العالم الإسلامي كما كان الحال تاريخيا.
القول بتراجع الأزهر ليس تجاوزا في حقه أو إقلالا من شأنه بالضرورة، ثمة أسباب بعضها متعلق بالتطورات التي طالت الفكرة الدينية نفسها، وبعضها يتعلق بالمؤسسة نفسها والسياق التاريخي الذي مرت به، ثمة تراجع لفكرة المؤسسة الدينية نفسها في التدين سواء كبناء مؤسسي أو كنسق للتدين وهذا يطال المؤسسة الدينية الإسلامية وغير الإسلامية، وثمة سياق ديني وسياسي أعاق الأزهر أو تسبب في تراجعه.
والحق أن تراجع الأزهر بدأ منذ أكثر من نصف قرن لأسباب مختلفة أهمها سياسة الإلحاق المباشر من قبل الدولة الحديثة والتي نظرت له مرة كخصم تخصم قوته من قوتها ومرة أخرى كمؤسسة تابعة لا تتورع عن توظيفها وتوجيهها كأداة أو ذراع ديني لمشروعها السياسي. لقد كانت البداية مع ثورة يوليو، بدأها جمال عبد الناصر لكن ثمارها أطلت في عهد السادات وأينعت وتم قطافها في عهد مبارك.
استلحق ناصر الأزهر بدولاب الدولة لكن دوره ظل موجودا وفاعلا ارتباطا بقوة وفاعلية الدور المصري وقتها كقائد للأمة ومركز حركتها، وفي عهد السادات غاب الدور تماما لكن لم تتوقف الدولة عن سياسة الإلحاق والتوظيف وزادت أن فتحت الباب لفاعلين دينيين جدد ( الجماعات الإسلامية ) متأثرين كلية بالوافد الوهابي الجديد والقوي بفعل الصعود السعودي المسنود بطفرة نفطية هائلة, وهو الوافد الذي كان يضرب بقوة في الأساس الديني للأزهر المؤسسة السنية الأكبر والأقدم في تقاليدها وتراثها الأشعري في المعتقد والمنفتح على تعددية فقهية واسعة والمتسامح مع التصوف.
لقد بدأ التعثر الحقيقي للأزهر منذ السبعينيات مع بدء تراجعه عقديا أمام المد السلفي الوهابي الذي كانت الجماعات الإسلامية باختلافها تعبيره الأكثر وضوحا، وما كان لمقاومته أن تستمر طويلا لولا قوة الدفع الذاتي للمؤسسة والحضور الاستثنائي لبعض رموزها وأبرزهم الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود ( ت 1978 ) الذي ربما كان آخر مشايخ الأزهر من الأشاعرة المتصوفين قبل شيخه الجديد الإمام الأكبر أحمد الطيب.
لكن، ومنذ الثمانينات من القرن الفائت، انفرط العقد وكرت المسبحة وتسارعت وتيرة التراجع بشكل غير مسبوق: صعدت جماعات الإسلام السياسي وملأت المجال الديني ( فضلا عن السياسي بالطبع ) الذي تأسس حضوره فيها على أساس من الطعن والانتقاص في شرعية الأزهر كممثل للسلطة ورمزها الدينيالز المشكل ، واضطرت السلطة الفاقدة لمشروع سياسي إلى التوسع في استلحاق المؤسسة الدينية وتوظيفها لمواجهة هذ الصعود لجماعات الإسلام السياسي مما أكد دعاية الأخيرة وأضعف الأزهر وأفقده قدرا كبيرا من مشروعيته ومن قدرته على قيادة المجال الديني.
لقد كان هذا ما يجري فعلا داخل المؤسسة السنية الأهم في العالم، لقد غطى عجيج المواجهة على تحولات مهمة تمثلت في تآكل المعتقد الأزهرى وتراجعه تحت مد سلفي وهابي أدى إلى موجة تسلف اجتاحت حتى المؤسسة الأشعرية نفسها، وصار الأزهر، وتحديدا الجامعة، مركزا للسلفية. لم تعد السلفية تيارا هامشيا في الأزهر، وإنما صارت الأكثر دينامية وفاعلية في التأثير عقديا وفكريا داخله.
وكالعادة، اهتم النظام السياسي بضبط المؤسسة الدينية والسيطرة عليها وتوظيفها أكثر من اهتمامه بتقويتها كمركز استقرار للتدين المعتدل الذي ظل عنوانا للأزهر، وبالطبع لم يكن واردا في حالة التردي والانهيار أن يكون للنظام السياسي وعي يتيح له فهم تضاريس المشهد الديني وتعقيداته، ومن ثم فقد اتسمت اختياراته وقراراته في المجال الديني بعشوائية وضيق أفق غير محدود يفتقد لأي أفق استراتيجية. ودائما كانت حاجته لإسناد ديني مباشر أهم كثيرا من أي مصلحة عليا.
والحق أن تجربة الشيخ الراحل محمد سيد طنطاوي رحمه الله ( 1928-2010) كانت أبرز عناوين أزمة المؤسسة الدينية، سواء حين كان مفتيا ( 1986) أو بعد أن تم ترفيعه شيخا
للأزهر (1996) وهي فترة طويلة جاوزت ربع القرن كانت نتائجها سلبية على المؤسسة الدينية وصورتها مما أضعف قدرتها علي الفعل والتأثير داخل مصر وخارجها.
لقد افتقدت المؤسسة الدينية تحت قيادة الشيخ طنطاوي لأي تصور حول طبيعتها ودورها المفترض وموقعها وعلاقتها سواء بالدولة ومؤسسات أو بالفاعلين الدينين الآخرين أو بالعالم، فكانت حقبة تعكس ما انتهت إليه الأوضاع من عشوائية تضرب في جنبات الدولة المصرية.
لقد اضطرب وضع الأزهر وقبله الإفتاء كثيرا في عهد الشيخ طنطاوي رحمه الله، فلم يستطع تحديد موقعه من الدولة ومؤسساتها: لقد كان يرى نفسه رحمه الله موظفا، بالمعنى الحرفي للموظف المصري، كما اضطربت علاقته بالعالم وصار الأزهر أقل من توقعات العالم منه، لم يلتفت كثيرا لتطلعات العالم الإسلامي خصوصا السني وما ينتظره خصوصا حاجته لقيادة دينية جامعة، وفي حين كان الغرب الذي يشكو التشدد والتطرف الديني يطلب دورا للأزهر في فضائه الديني كان الشيخ يصر على محلية الأزهر ويلزمه أضيق الحدود، على نحو ما قاله لنيكولاي ساركوزي في قضية الحجاب!، أما العلاقة بالفاعلين الدينيين الآخرين فلم تكن أحسن حالا: ملاسنات سياسوية صغيرة تنحاز للسلطة لكنها تفيد عمليا خصومها، وتراجع كبير على مستوى الأطروحة العقدية والفكرية جعلت الأزهر يشهد أكبر موجة مد للسلفية والإسلام السياسي في تاريخه. إن قراءة مدققة للأزهر منذ عهد شيخه عبد الحليم محمود تقول أن أصوله العقدية والفكرية كادت تتغير.
لا يسمح المقام بالوقوف تفصيلا عند الحيثيات التي رجحت اختيار الدكتور أحمد الطيب شيخا للأزهر خلفا للشيخ سيد طنطاوي رغم أهميتها في فهم الوضع وميكانيزمات الفعل داخل المؤسسة الدينية، لكن الأكيد أنه كان اختيارا يفتح أيضا الباب للقول بإمكانات تغييرات مهمة تطول الحالة الدينية بما يسمح بعودة قوية للمؤسسة الدينية، والتي يبدو أن مؤشرات كثيرة تؤكد على قدرتها على استعادة نفوذها ومن ثم إعادة ترتيب المشهد الديني في مصر الذي طالته تغييرات مهمة.
نرصد مثلا انكسار واضح للإسلام السياسي بشقيه الجهادي أو السلمي، ونرى مراجعات للجهاديين وتراجعات للسياسيين بشكل لم يعد معه الإسلام السياسي مركز الفعل والتأثير الديني في مصر، وهناك اكتساح سلفي جارف يجتاح مجمل المشهد الديني ولا يستثني أيا من فاعليه، وهو ما صار يستنفر حضورا مضادا لا يمكن ان يتبلور الا في مؤسسة الازهر باعتبارها تحمل أطروحة مغايرة حيث الاشعرية في الاعتقاد والصوفية في السلوك والنظر باعتبار لتعددية المذاهب الفقهية الواسعة..إن الأزهر يقف هنا باعتباره المشروع الابرز لمواجهة السلفية ضمن فضاء اهل السنة والجماعة. ثمة أيضا حالة من الفوضي الدينية العارمة، خصوصا مع الفضائيات الدينية، يتعاظم معها الحاجة الي المؤسسة التي تضبط وتقّيم وتكون حكما ومرجعا.. والمفارقة المهمة أننا في لحظة صارت فيها عودة الازهر مطلبا عاما ليس من المجتمع فقط بل ومن الفاعلين الدينيين أيضا فضلا عن الدولة نفسها التي كان يبدو أن ثمة من تبين فيها أن سياستها السابقة في استلحاق الأزهر كانت ضارة، خاصة بعد أن صار تراجعه عنوانا لتراجع الدولة المصرية نفسها.
الحق أيضا أن تجربة اختيار الشيخ على جمعة في منصب الإفتاء (2003) كانت ذا دلالة، تجاوز النظام منطقه البائس في اختيار شيوخ أقرب للتكنوقراط إذا ما لم يكونوا مجرد موظفين دينين، وانحاز في اختيار الرجل لمنطق إعادة بناء مؤسسة الفتوى ورد الاعتبار لها ولو بقدر من التسامح مع الاستقلالية، وهو ما فعله الشيخ على جمعة باقتدار فأفاد الدولة لكن دون أن يتورط في منطق التوظيف السياسي الذي تأكد أن أثمه أكبر من نفعه، خاصة مع حالة الترهل وانعدام الكفاءة التي ضربت غير قليل من مؤسسات الدولة.
نجح على جمعة الذي كان ينظر إليه كوافد على المؤسسة الدينية وليس من صلبها فيما فشل فيه سابقوه ممن رأوا أنفسهم أكثر أصالة في الأزهرية، أعاد بناء دار الإفتاء وقام بتحديثها وأحدث في تكوينها وتدريبها نقلة كبيرة وفتحها على أسئلة وتحديات جديدة وغير تقليدية، كما أبعدها عن فوضى الفتوى وعشوائياتها، وأعاد لها هيبة كانت قد أوشكت على الضياع.. ساعده في ذلك عتاد وعطاء فقهي ومعرفي نادر بين مشايخ هذا الوقت، وخبرات وتجارب دعوية وثقافية إسلامية تمتد قرابة الأربعة عقود!
باختيار الشيخ أحمد الطيب شيخا للأزهر يمكن أن نتوقع أن الدولة استفادت من تجربة الإفتاء ولكن على مدى أوسع وأعمق يوازي أهمية مشيخة الأزهر وما لها من تاريخ ورمزية ليست لمنصب المفتي، ليس في الأمر مجاملة إذا قلنا أن الطيب كان الاختيار الأنسب بما يمتلكه من مؤهلات كلها تجعلها اختيار المرحلة، بالمعني الإيجابي والدقيق للكلمة: فهو أكاديمي مقتدر ومحل اعتبار وأستاذ في العقيدة الفلسفة يعطي للمنصب بعدا أكثر جدية وصورة تناسب العالم، كما له رصيد من الانفتاح على الغرب منذ دراسته في فرنسا وعمله فيها، وما زال الرجل يكتب ويترجم من الفرنسية ويتقن معها الإنجليزية أيضا، وهو انفتاح موزون لم يتعثر صاحبه بسببه في فهم المجتمع وتضاريسه وقضاياه كما تعثر حمدي زقزوق في وزارة الأوقاف التي دخلها قادما من مدرسة الاستشراق الألمانية وما زال يحارب طواحين الهواء بعد أن أضاع عهده في مشروع الأذان الموحد الذي يختصر بؤس الرؤية النخبوية للإصلاح الديني!.
ينحدر الطيب ( ولد 1946) من عائلة كريمة في الأقصر لها تاريخ في العلم والتصوف في مجتمع تقليدي، وما زال يحافظ علي هذا التقليد ولم ينقطع عنه، ما زال يحضر في دوار العائلة ويسمع مشاكل أهله وقريته وأهل الطريقة ويحلها، أن هذا الامتداد هو ما يعطي لانفتاحه معنى، إنه امتداد لعقد من المشايخ والعلماء الأزهريين كان منهم الشيخ محمد عبد الله دراز الذي كتب بالفرنسية أهم أعماله ( دستور الأخلاق في القرآن الكريم ) وكان آخرهم الإمام الأكبر عبد الحليم محمود. وأهم ما في الرجل أنه ليس من مدرسة التكنوقراط الأزهريين، بل تسكنه روح أزهرية وولاء للمؤسسة التي يبدو أنه يمتلك تصورا ورؤية لموقعها ودورها، ولديه مشروع لاستعادة دور الأزهر كمركز للتدين الوسطي المعتدل المعنون بالأشعرية والتصوف والتعددية الفقهية.
ما زال الرجل يتلمس خطواته في موقع المشيخة ولم تمض عليه إلا أشهر معدودات ( 19 مارس 2010) ؛ لكن يمكن استقراء وفهم مشروعه، وأول خطواته نحو إعادة ترسيم الحدود بين الأزهر والسلطة وبين الأزهر والفاعلين الدينين وبين الأزهر والعالم.
كان الطيب عضوا بلجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، وبمجرد اختياره شيخا للأزهر أعاد ترسيم العلاقة بالسلطة ليس لجهة الانفصال عنها أو الاصطدام بها وإنما لجهة التمايز فقط، استقال من موقعه الحزبي ولكن بعد الرجوع إلى رئيس الجمهورية: رأس الدولة أو ولي الأمر، إن الرجل يعرف أنه لا يمكن أن يكون شيخا للأزهر بنفس موقعه الحزبي، لكنه ابن لمؤسسة الأزهر التي لم تنفصل يوما عن الدولة المصرية أو تتمرد عليها. إنه فقط إعادة تعريف للأزهر ضمن الدولة ونقله من الإلحاق السياسي السلطوي إلى قلب الدولة نفسها.
وفي مواقفه السياسية تظهر هذه الرؤية التي تعيد ترسيم علاقة الأزهر بالسياسة وتبدو استعادة للخبرة التاريخية السنية، رفض الفتوى في مسألة جدار غزة الذي كانت قد قامت بسببه معركة فتوى بين الشيخ يوسف القرضاوي وبين المؤسسة الأزهرية نهاية عهد الشيخ طنطاوي رحمه الله الذي رد على فتوى التحريم بفتوى تقول أنه حلال وأكبر الحلال! قال الشيخ الطيب إنها أمور لا يصلح أن يفتي فيها الفقيه الذي ستغيب عنه معطيات عسكرية واستراتيجية وسياسية لا علم له بها. إنه موقف دال يعيد التمييز بين الديني والسياسي بمنطق الخبرة التاريخية الإسلامية السنية على الأقل التي شهدت هذا التمايز وليس بالمنطق العلماني الذي يستبعد الدين من أمور الدنيا. وهو حين يدخل بالأزهر في السياسة يدخل به كجامع وموحد ورافع لقضايا الإجماع أو ما صار يعرف بقضايا الأمة: رفض التطبيع مع إسرائيل، رفض التورط في علاقات أو مواقف سياسية تفصيلية: زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية، لقاء مسئولين إسرائيليين..إلخ وفي القضية الفلسطينية دعم المصالحة عموما والفتوى بوجوبها دون تفصيلات تفسر لمصلحة فصيل سياسي على حساب غيره..
ويعيد الطيب ترسيم علاقة الأزهر بالعالم من خلال انفتاح واسع وواثق يلتقط حاجة الأزهر لهذا الانفتاح لدعم كفائته العلمية وقدرته على ملاحقة العصر وكفرصة للتمدد بخطاب الاعتدال الإسلامي الذي يمثله، مع ثقته بأن الحاجة متبادلة خاصة مع تفاقم مشكلات الاندماج والتشدد الإسلامي التي جعلت دوائر علمية وسياسية غربية كثيرة تتجه للأزهر كمركز للوسطية ومواجهة تيارات الغلو والتشدد الديني، في هذا الصدد كانت رعاية الطيب، مؤخرا، للتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني الذي أسهم في دراسة وتدريب عدد من طلاب الشريعة وفي سعيه لإنشاء مركز بالأزهر لدراسة الإنجليزية، ودفاعه القوي عن التعاون مع بريطانيا في هذا الشأن.
كما يعيد الطيب ترسيم ترسيم العلاقة مع الفاعلين الدينين الاخرين، تجاوز الرجل في علاقته بجماعة الإخوان أزمة ميليشيا طلاب الأزهر التي وقعت أثناء رئاسته للجامعة وكان موقفه فيها صارما، وتمكن من احتواء المعارضة الشرسة والحادة من جبهة علماء الأزهر التي لم يمنع حلها قانونيا وإبعاد رموزها عن الجامعة في منعها من خوض حرب شرسة ضد سلفه الشيخ طنطاوي، ووصل الأمر إلى ما يشبه المبايعة من الجبهة للطيب أماما أكبر تقر بقيادته الدينية، كما كان موقف الطيب من الشيخ القرضاوي أكبر مرجعية سنية خارج الأزهر بالغ الحكمة حيث أعطاه منزلته وأقر له بمقامه بشكل أعاد لمشيخة الأزهر الكثير من هيبتها ووقارها دون أن يغير من موقع الشيخ أو المشيخة الفكري والعقدي، كمؤسسة أشعرية تمثل إسلام الدولة.
يمكن الاسترسال كثيرا في مؤشرات عودة المؤسسة الدينية، لكن أن هذه العودة لن تمر إلا بمعركة كبيرة لإعادة تحديد التيار السائدة في التدين والفاعل في الحالة الدينية، وهي معركة سيكون عنوانها الأبرز مواجهة المد السلفي الوهابي الذي بلغ منتهاه، وهي معركة يتوقف علي نتيجتها مصير الحالة الدينية في مصر لكنها لن تقتصر في حدودها علىها بل ستمتد لكل العالم السني ومؤسسات الدينية خصوصا في مراكزها التاريخية ( مصر والمغرب والشام وتركيا والهند )، وهو ما بدا واضحا في المؤتمر العالمي الذي رعاه الشيخ (8-11 مايو 2010) عن الإمام أبي الحسن الأشعري وشارك فيه كل خصوم السلفية في العالم الإسلامي السني.. إن عودة أخرى للأزهر قد لا تكون ممكنة إلا بإعادة تجديد أطروحته العقدية والفكرية وهو ما سيخلق صداما لا مفر منه مع التيار الأكثر نفوذا ودينامية في العالم الإسلامي: السلفية.