التربية الدينية في الحياة اليومية في المدارس بين مصر وألمانيا
اعتبر حسام تمام الباحث والخبير في شئون الحركات الإسلامية أن قضية مناهج التعليم في مصر تأثرت بانعكاسات الحالة الدينية في مصر على المناخ العام وعلى واضعي المناهج ومدرسي التربية الدينية.
ورصد تمام في ندوة "التربية الدينية في الحياة اليومية في المدارس بين مصر وألمانيا" والتي نظمها معهد جوته بالإسكندرية مساء أول أمس شكل التعامل مع المناهج الدينية عبر العقود الماضية موضحا أن مناهج الدين في فترة ما قبل الثورة كان لا يضر بحالة التماسك الديني لطرحه بشكل قيمي وأخلاقي كأحد ضرورات الصيرورة الاجتماعية آنذاك ولم تكن قضية المقررات الدينية مطروحة في لحظة من اللحظات، مستكملا أن هذا بعكس الفترة القومية أو الناصرية التي تم اللجوء فيها إلي الشرعية الدينية لتعزيز الأفكار الاشتراكية والقومية، ثم بعد ذلك جاءت الفترة الساداتية التي بدء فيها تديين المناخ العام عبر بعض قوى الإسلام السياسي،الأمر الذي انسحب على واضعي المناهج وعلى المدرسيين الذين تأثروا بالحالة الدينية العامة بحيث فقدت المؤسسات التعليمية الكثير من حياد المجال العام لتصبح وسيلة لنشر الدين والتبشير به،
وأضاف أن الطلب على التعليم الذي يعزز الهوية الدينية ارتفع بأكثر من الطلب على المؤسسات التي تعزز الطالب النافع،ومن ثم بات التعليم الخاص صار مقسما ثقافيا وطبقيا وتزايد الطلب على المعرفة الدينية كطلب مقصود بذاته وتجلى ذلك في كثافة الحضور الديني في المناهج غير الدينية.
وانتقد تمام تقديم بعض المناهج بصورة تخلط بين التاريخ والدين بحيث يتم طرح قضايا في ظرف سياسي زمني سابق مع إسقاطها على الواقع،دون مراعاة تباينات الظروف المحيطة بين الأحداث التاريخية والمستجدات الواقعية ضاربا في ذلك مثالا بقصة عقبة ابن نافع التي يتم تدريها لتلاميذ الصف الأول الإعدادي.
وأيد تمام مبادرة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية باستحداث مادة جديدة للأخلاق بجانب المناهج الدينية يتم تدريسها لكافة تلاميذ المدارس على كافة مشاربهم الدينية،مرجحا حل إشكالية تراجع مستوى المناهج الدينية بصعود الدكتور أحمد الطيب رئيسا لمشيخة الأزهر.
واختتم تمام حديثه قائلا "إذا حددنا ما نريده من صفات يجب أن يتحلى بها طلاب المدارس سنستطيع تحديد معرفة ما نريد من المناهج الدينية".
وأوضح وائل الجيار المستشار السياسي في وزارة شئون الاندماج لولاية شمال الراين بألمانيا أن مناهج تدريس التربية الدينية في مصر تختلف عنها في ألمانيا حيث تنظم في مصر عبر تخطيط مركزي وبإشراف كامل للدولة،بعكس ألمانيا التي تكون مسئولية التعليم الديني من اختصاص المجموعات الدينية كالكنائس بوصفها ممثل المجموعات الدينية المسيحية،فالدولة ممنوعة دستوريا من وضع أو التدخل في وضع مناهج الأديان.
واعترف وائل بتأخر الدولة الألمانية في السعي لحل مشاكل اندماج الأقليات الدينية الغير مسيحية،والذي بدأ بحصر تعداد المسلمين الألمان منذ العام،بوصفهم الأقليات الأكبر عددا،إذ يصل تعدادهم إلي ما يقرب 4.2 مليون نسمة أغلبيتهم من الأتراك.
وأشار الجيار إلي أن القوانين ظلت في ألمانيا تنظم العلاقة بين الدولة والمجموعات المسيحية عن طريق الكنائس،بعكس المجموعات الدينية الأخرى التي أدى غياب الخبرة التاريخية في التعامل مع المجموعات الدينية الأخرى وبخاصة الإسلامية وهو ما أدى إلي بروز صعوبات عديدة تواجه عملية تدريس الدين الإسلامي في المدارس الألمانية. لاسيما وأن طبيعة تكوين الدولة الألمانية يجعل الـ ولاية الألمانية مستقلة في قوانينها شريطة التزامها بمعايير الدستور الألماني الجامع لهذه الولايات تحت مظلته،مما يجعل هناك "موديلات" مختلفة من التعليم الديني داخل كل ولاية.
وألقى الجيار باللوم على الاتحادات والمجموعات الإسلامية داخل ألمانيا لعدم محاولاتها توفيق أوضاعها المؤسسية مع الشروط والقوانين التي سنتها الدولة من أجل تدريس الأديان داخل المدارس حيث يشترط الدستور الألماني وجود مؤسسة ذات هرم إداري محدد وسلطة محددة تكون معبرا عن المسلمين في كل ولاية،هذا فضلا عن ترشيحها لكوادر تكون نواة لمعلمين مناهج التربية الدينية التي ستقترحها المؤسسة أو الاتحاد من أجل تدريسها للطلاب.