عباس السيسي.. المرشد الأمين في فهم مجمتع الإخوان المسلمين
باحث وصحفي مختص في الظاهرة الإسلامية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
في دراسة الأفكار والحركات والتيارات السياسية مدرستان. الأولى لا ترى السياسة إلا في البرلمانات والأحزاب والتنظيمات ومجالس الحكم ودوائره، ومن ثم فهي لا تدرسها إلا من الوثائق والقرارات وتصريحات رجالها وبياناتهم، والثانية على العكس منها تماما؛ إذ إن السياسة في نظرها لا تبدأ ولا تدرس إلا من تحت، من عادات الناس وطبائعهم وطرائقهم في الحياة والأكل والملبس وفي قصة الشعر وحلاقة الذقن وما هو أقل وأدنى!.
ومن سوء حظنا أننا ننتمي بإخلاص إلى المدرسة الأولى التي صار معها التاريخ الذي نكتبه ونقرؤه غير التاريخ الذي كان؛ لأنه صار - باختصار- تاريخ الساسة والسياسة ودوائرها وليس تاريخ الناس.
ربما كانت هذه مقدمة لازمة للحديث عن عباس السيسي (ولد 28-11-1918، وتوفي 22 -10-2004 )، الرجل الذي مرت وفاته -مثلما يحدث مع كل ما هو حقيقي وإنساني في حياتنا- بهدوء ومن دون ضجيج ومن دون أن يحفل بها أحد ولو للعظة والاعتبار، رغم دوره التاريخي المهم في مسار الحركة ورغم كتاباته و"حكاياته" التي كانت من أهم ما عرفه التاريخ الاجتماعي للحركة الإسلامية في مصر؛ بحيث يصح أن نطلق عليه المرشد الأمين لفهم مجتمع الإخوان المسلمين.
رغم كثرة ما كتبه الأنصار والخصوم عن تاريخ الإخوان يبقى ما سجله عباس السيسي من أهم مصادر تاريخ الإخوان؛ ففي حين تركزت معظم الكتابات على التنظيم والعمل السياسي والمواجهات السياسية والعسكرية وأحداث السجون، غطت كتاباته (خاصة كتبه: في قافلة الإخوان، ومن المذبحة إلى ساحة الدعوة، وحكايات عن الإخوان) مساحة ما يمكن أن نسميه بالتاريخ الاجتماعي الذي تزيد أهميته كثيرا في دراسة تاريخ وتطورات الحركات السياسية الكبرى ذات المشروع والامتداد الاجتماعي مثل حركة الإخوان المسلمين.
وحدها كتابات السيسي التي يمكن أن تنفذ إلى جوانب مجهولة من شخصية المرشد المؤسس حسن البنا، وأن تعرف به كإنسان قبل أن تعرف بسياسته ورؤيته ومنهجه في القيادة والدعوة، والعلاقة التي كانت تربطه بأتباعه وأنصاره: كيف كان يجتذبهم ويربطهم به كالكواكب التي لا تستطيع خروجا عن فلكها، وكيف كان يتعامل معهم، وكيف كان يتذكرهم ويحرص على حفظ أسمائهم، وأي موهبة وحيل تلك التي ساعدته على ذلك، كيف كان يدير الخلاف ويحافظ على وحدة التنظيم. وكيف صار قلب التنظيم وروحه.
ووحدها كتاباته أيضا التي تتيح للباحث أو القارئ أن يلج الفناء الداخلي للحركة الإسلامية؛ فتضع يده على المفاتيح الأساسية وتدله على الأبواب الحقيقية لفهم دروبها الوعرة والملغزة، وتعرفه على أسطورتها الذاتية - بتعبير الأديب البرازيلي الأعظم باولو كويلو- وعلى الروح التي دبت فيها حتى صارت كائنا حيا، فمن خلال كتابات السيسي يمكن للباحث أن يتعرف ليس على الحركة الإسلامية كما تصورها بعض الكتابات في صورة الحزب السياسي الضخم، بل ككيان من دم ولحم.
ستتعرف من خلال تاريخ السيسي عن حركة إسلامية أخرى غير تلك التي يمكن أن تطالعك بها الكتابات التقليدية للأنصار والخصوم، وسترى الإخوان في صورتهم الحقيقية الإنسانية وليست الصورة الملائكية أو الشيطانية، ستتعرف على علاقات الحب والبغض والمنافسة والصراع والقرابة، وستجد أناسا في قمة الذكاء إلى حد الدهاء وآخرين نماذج للطيبة إلى حد الدروشة، ومزيجا من التصوف والجهادية والحزبية والدعوة والسياسة.. وأشياء لا تجتمع في تنظيم إلا جماعة الإخوان المسلمين.
ولم يقتصر عطاء عباس السيسي في مجال التأريخ للحركة الإسلامية على كتاباته - رغم أهميتها البالغة - وإنما امتد للمشروع الذي سبق به جيله وعصره، مشروع جمع وتوثيق تاريخ الإخوان، فقد سعى في أواخر الثمانينيات لجمع كل الوثائق الخاصة بتاريخ الحركة وعمل مقابلات لتسجيل مذكرات القيادات التاريخية للجماعة وشهاداتها على الأحداث والوقائع المهمة التي مرت بها.
واجه المشروع رفضا وممانعة من كثيرين لأسباب تتعلق بخوف الرياء والسمعة أحيانا (وهو مبرر حقيقي عند كثير من القيادات) أو بعدم الرغبة في نشر ما لا يستحسن نشره، خاصة أن هاجس التجنيد والحشد والتعبئة كان المسيطر والمتحكم في وعي قيادات هذه المرحلة؛ وهو ما لا يتناسب مع روح المكاشفة والمصارحة وربما الاعتراف بالخطأ التي تتطلبها عملية كتابة التاريخ.
ما أعرفه أن نشاط اللجنة لم يستمر لأسباب بيروقراطية كثيرة، وأنها لم تخرج إلا بمحصول ضئيل تاه في زحام العمل وخوف الملاحقات الأمنية التي دفعت- أحيانا- للتخلص من وثائق وأوراق وصور لا تقدر قيمتها التاريخية بثمن، وربما كانت أهمية المشروع في فكرته التي تبناها بعض الإخوان بصورة فردية ثم سرعان ما أعيد إحياء نشاط اللجنة مؤخرا وأصدرت أربعة مجلدات عن تاريخ الإخوان، وكانت المفارقة أن معظم من قاموا بها من تلامذة السيسي أو المتأثرين به.
وبعيدا عن التاريخ والتأريخ لعب عباس السيسي دورا بالغ الأهمية وإن كان غير معروف في مسيرة الحركة الإسلامية في مصر وامتدادتها في العالم العربي يتمثل في الحد من روح العسكرة التي سيطرت عليها منذ بداية المد الإسلامي في السبعينيات، وهي الروح التي غذتها قراءات ثورية انقلابية للإسلام وجدت لها مرتعا خصبا في سجون ومعتقلات العهد الناصري فأثمرت حركات الإسلام المسلح وتيارات العنف.
ففي فترة السبعينيات كان الآلاف من المعتقلين قد خرجوا مثخنين بالجراح وعذابات السجون التي أثرت فيهم نفسيا وفكريا، ولم يكن سهلا عليهم أن يغفروا أو يسامحوا، فأشعلوها حربا ضروسا أجج نيرانها رغبة النظام الساداتي في إظهار ما للعهد الناصري من عيوب، وكان في المناخ السائد ما يسمح بانتقال روح الغضب العارم ورغبة الثار المحمومة إلى أجيال جديدة سمعت بهذه المآسي ولكن لم تشهدها.
لم يأخذ الكثير من هؤلاء المعتقلين بدرس عمر بن عبد العزيز الذي دعا أهل زمنه إلى الامتناع عن الخوض في الفتنة بالألسنة بعد إذ نجاهم الله من الخوض فيها بالسيوف، وبدأت حرب كلامية كان لها أثر بالغ في إشاعة روح الثأر والانتقام في جيل الصحوة الإسلامية الذي تغذى من قصص التعذيب والمطاردة وأدب الغربة والغرباء.
وفي عكس هذا التيار وعلى نقيضه سار عباس السيسي، فكان من أوائل من دعوا إلى طي صفحة الثأر والمصالحة مع خصوم الماضي، وله في ذلك واقعة معروفة تذكرها له مدينة الإسكندرية؛ ففي الدرس الأسبوعي الذي كان يعقد بعد مغرب كل ثلاثاء بمسجد عصر الإسلام في حي سيدي جابر (حديث الثلاثاء) والذي كان يؤمه جماهير الإخوان للاستماع إلى قيادات وخطباء الجماعة، حضر في إحدى المرات بعض من قيادات في النظام الناصري لطلب المسامحة ممن طالهم التعذيب، فرفض كثير من الإخوان أن يغفروا لهم وكان السيسي أول من قبل وسامح.
كان الرجل سهلا رقيقا طيب النفس حتى في حكاياته عن معاناة السجون وقسوة المعتقلات الرهيبة التي لم تخل - في حكاياته- من الطرف والفكاهات والمواقف التي تبعث على البهجة، ومن يقارن حكاياته بما رواه غيره من قصص يشيب لهولها القراء (راجع البوابة السوداء أو سراديب الشيطان مثلا) يعرف كيف كانت للرجل عواطف وروح إنسانية قادرة على المرح وبث السعادة حتى في أحلك الأوقات.
وفي سياق الوقوف أمام تيار العسكرة الذي اجتاح الحركة الإسلامية في طورها الثاني في عقد السبعينيات يبرز دور الحاج عباس السيسي في طرحه الدعوي الذي كان جديدا ومغايرا تماما لهذا التيار؛ ففي الوقت الذي كانت الحركة تصطف أقرب ما تكون بطريقة الميليشيا العسكرية وتسيطر عليها روح التحزب والرغبة في المواجهة والمفاصلة مع الخصوم و"الأعداء" كان الحاج عباس يبشر بدعوة أخرى مختلفة صارت مع الزمن عنوانا لمدرسة دعوية متكاملة، تلخصها مقولته التي سارت مثلا "الدعوة إلى الله حب".
كان الحاج عباس السيسي في كتبه ودروسه لا يتكلم إلا عن محبة الناس والرفق بهم والرأفة بأحوالهم حتى ولو كانت على غير الجادة، وكان لا يغضب من شيء غضبه من القسوة والعنف حتى لو كان لفظيا، وكان يرفض سلوكيات العنف والقهر حتى ولو توارت تحت شعارات الالتزام والانضباط والجندية، وكان يدعو -بل يضرب المثل- للصفح والمغفرة تجاه المسيئين وليس فقط المختلفين في الرأي.
تزخر كتبه وهي أقرب إلى كتب الحكي اللطيف والمسلي والمفيد بقصص عديدة لمواقف ومواجهات بينه وبين من جادلوا الناس بالتي هي أخشن - كما كان يتهكم- بدلا من التي هي أحسن، فكان يرفض أن يقف المتحدث مبكتا ومعنفا وشاكيا من تأخر الحضور أو غياب معظمهم؛ إذ لا ذنب لمن حضر والتزم في أن يسمع مثل هذا التقريع، وكان يرفض توجيه النصح المباشر للناس، أو محاولة إجبارهم على فعل الصواب.
وليست مبالغة إذا قلنا إنه ربما كان عباس السيسي أول داعية في الحركة الإسلامية يتحدث عن قواعد الذوق والإتيكيت، حتى خصص له رسالته الفريدة "الذوق سلوك الروح" ومئات الدروس واللقاءات الإيمانية في وقت كان الحديث في مثل هذه القضايا أشبه بالمياعة وقلة الأدب!.
لقد كان اهتمام السيسي بالذوق غريبا وقتها وصادما للشباب الثائر المتحمس للجهاد والثورة من أجل إقامة الدول الإسلامية التي هي مهمة عظيمة أجل وأكبر من الوقوف عند هذه الشكليات والتحسينات والرفاهيات!.
وكان غريبا وقتها أن تسمع ما بين الخطب الثورية والحماسية التي تأخذ القلوب وتعصف بالكيان شيخا يخضب البياض شعره ولحيته المهذبة دائما لا يغريه الموقف بمغازلة مشاعر الحشود التي يغلب عليها الشباب، فيعرض عن الكلام الفخم الرنان الذي يلعب بأوتار القلوب دون العقول، ويصر على أن يلقنهم دروسا هادئة رقيقة عن المشاعر والعواطف الإنسانية وأهمية التعرف على قواعد الذوق والتعامل مع الناس وخاصة الفتيات والنساء، وعن خلع الأحذية عند دخول المنازل وعدم الإثقال على أصحابها، وعن ضرورة خفض الصوت والتبسم في الوجوه وتقديم الهدايا، وعن حق الخصوصية وعدم التدخل في شئون الناس بزعم دعوتهم، وعن ترك الجهامة والخشونة وتلمس النكت والطرائف في الحديث.
لقد كان السيسي من أوائل الدعاة الذين عرفوا بحب النكتة والطرفة بغير إسفاف أو ابتذال، واتخاذها طريقا إلى قلوب الناس (وللرجل رسالة بهذا الاسم: الطريق إلى القلوب)، وكان من طرفه -وما أكثرها- أنه صدم بسيارته سيارة أخرى فغضب الرجل وسبه قائلا: أنت حمار؟! فما كان منه إلا أن نزل ورد عليه ببساطة: لا.. أنا سيسي ولست حمارا، والسيسي - اسمه- هو أيضا اسم لدابة ما بين الحمار والبغل، فكانت مزحته طريقا لقلب الرجل الذي سرعان ما تأسف له وصارت بينهما صداقة ومودة.
وأتصور أن السيسي سبق الدعاة الجدد في هذه المساحة بمراحل وفاقهم في كونه التزم التوسط ولم يتحول بدعوته إلى الإسفاف والافتعال، وظل في كل الأحوال مخلصا لرسالته.
ولعل طريقته الدعوية كانت سببا في قدرته على التأثير في أوساط طالما ظلت مسكونة بالقلق من الحركة الإسلامية، وخاصة أوساط النساء، والذين عايشوا الرجل واقتربوا منه يعرفون كم كانت له شعبية جارفة في دروس "الأخوات" اللاتي وجدن فيه حنان الأب ورأفته فصار الملاذ في وقت غلبت فيه الشدة بله القسوة على جماهير الدعاة قبل أن يتحول الحال في السنوات الأخيرة ويتسابق الدعاة الجدد على التودد للمرأة وتبنّي مطالبها حتى التورط في النسوية الإسلامية!.
وهو من أوائل من انتبهوا مبكرا لأهمية الفن في الدعوة وضرورة عمل مصالحة بين الرؤية الفقهية للحركة الإسلامية والفنون المختلفة، ليس فقط لأهميتها كوسائل دعوية وإنما لحاجة النفس الإنسانية لها.
كان الحاج عباس السيسي عضوا بمكتب الإرشاد بالجماعة ومسئولا عن التنظيم في مدينة الإسكندرية حين اتخذ القرار (في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي) بتأسيس أول لجنة فنية بالجماعة تكونت على إثرها وتحت رعايته فرقة الهدى للفن الإسلامي أول فرقة للغناء الإسلامي (أو الإنشاد بمصطلح وقتها)، على الرغم من اعتراضات الجناح المحافظ في الجماعة والانتقادات العنيفة التي أثارتها التيارات السلفية وهي تيارات كانت المدينة معقلها الأول والأكبر.
وقد تطور نشاط هذه الفرقة حتى اتجهت إلى الاحتراف وكان لها تأثير بالغ الأهمية في تأسيس فرق مشابهة في بقية محافظات البلاد حتى صارت ملمحا أساسيا من ملامح الدعوة الإسلامية في مصر.
وأتذكر أن أحد المشروعات التي كان يطمح لها الرجل - وقد زرته مرارا في مقر دار القبس للنشر التي أسسها- أن يتمكن من إنتاج فيلم سينمائي عن الإمام الشهيد حسن البنا، وهو حلم قلما راود خيال الإخوان حتى من الأجيال الجديدة على أهميته ووجاهته.
كان الحاج عباس لا يكتم ولعه بالفن وتصالحه مع نفسه فيما يخص العلاقة بالفن، فلم يكن يتكتم مشاهدته للأعمال الفنية وحبه لها، ولم يكن يرى عيبا في أن يعلن ذلك ولا يجد فيه إنقاصا من قدره ومكانته في قلوب شباب الصحوة الذين غلبت عليهم روح التشدد والتحريم في حقبتي السبعينيات والثمانينيات، وروى لي عبد المنعم أبو الفتوح - وكان من أكثر أبناء جيل السبعينيات تأثرا بالرجل- أنه كان إذا نزل مدينة القاهرة لحضور جلسات مكتب الإرشاد تجول بين دور السينما حتى ينتقي أفضل أفلامها وأكثرها احتراما فيحجز لنفسه في آخر العروض، وما إن ينتهي من جلسات مكتب الإرشاد حتى يمر على السينما ويحضر العرض قبل أن يقفل راجعا إلى مدينته!.
لقد كان هذا تفردا بل جرأة من الرجل لا يمكن فهمها إلا إذا وضعت في سياقها التاريخي، فقد حدثت في وقت من عمر الحركة الإسلامية كان الفن من أمور الجرح والتعديل وكان موقفا كهذا كافيا للقضاء على سمعة الرجل ومكانته ومقامه بين الجماهير، وهو ما لم يعبأ به السيسي الذي فضل -كعادته- أن يمارس ما اعتبره دورا تنويريا بين الشباب عن أن يغازل روح التشدد والتطرف فيهم.
تولى عباس السيسي مسئولية إعادة بناء تنظيم الإخوان في الإسكندرية في إطار حركة إعادة البناء بعد خروج الإخوان من السجون في عقد السبعينيات، وتدرجت مهامه ومواقعه داخل التنظيم حتى صار عضوا بمكتب الإرشاد وتولى مسئولية قسم الاتصال بالعالم الإسلامي (الذي أسميه بوزارة خارجية الإخوان)، واتسعت علاقاته ورحلاته لأركان العالم الأربعة حتى زاد بريده اليومي الذي يأتيه من داخل وخارج البلاد عن بريد الحي الذي كان يقطن فيه!.
بلغ السيسي ذلك كله دونما شهادات علمية، فلم يكن سوى عامل بسيط لم يجاوز حظه من التعليم شهادة الدبلوم الصناعية، بدأ حياته عاملا بورش الصناعات الحربية، وحين خرج من السجون الناصرية من دون عمل احترف العمل بصناعة الألبان وتجارتها، ولما صار عضوا بأعلى سلطة في أكبر جماعة إسلامية - مكتب الإرشاد- لم يجد صعوبة في أن يقدم استقالته من منصبه، لأنه قدم ما لديه ولم يعد أمامه سوى ترك الفرصة للأجيال الجديدة.
راجعت تاريخ الحركة -على الأقل في عقوده الأخيرة- قبل أن أقول جازما: إنها المرة الأولى التي تستقيل قيادة بهذا الحجم وفي هذا المنصب دونما خلاف مع الحركة أو انشقاق عنها، بل إيمانا بفكرة أن المرء لا بد أن يتوقف حين لا يعود قادرا عن العطاء، هذا ما فعله عباس السيسي فأتعب من بعده.