العالم الإسلامي والغرب : أفاق لعلاقات جديدة..حوار مع "الان جريش"
لم يكن العالم بحاجة لحوار مثلما هو الآن ..ولم يكن الحوار صعبا مثلما هو الآن أيضا! هذا ملخص حوارنا الموسع مع أحد ابرز دعاة الحوار بين الغرب والعالم الإسلامي الكاتب والصحافي الفرنسي الأشهر "آلان جريش".
"آلان جريش" هو رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير مجلة اللوموند ديبلوماتيك أبرز الدوريات الغربية التي انفتحت علي قضايا العالم الثالث واهتماماته وافسحت له ولاصواته المختلفة أوسع مساحة – ربما – في الميديا الغربية.
أصوله الشرقية ووميلاده في مصر(عام 1948) وحياته فترة الطفولة فيها ثم رحيله لفرنسا واستقراره بها (عام 1962) جعل منه كاتب وباحثا إنسانيا بامتياز ..فهو يجمع بين الشرق والغرب في وعيه وضميره وفي قلمه ولسانه حيث يتحدث العربية بجانب الفرنسية والإنجليزية..ومنذ بداية حياته كانت قضايا الشرق العربي العالم الأثير لجريش ..بدأ بقضية العرب الأولي : فلسطين فكان من طليعة حركة التضامن الأوربي التي بدأت نهاية الستينيات مع الحق الفلسطيني..وكانت العراق ولم تزل إحدي المحطات المهمة في مسيرة النضال مع قضايا العرب وبلاد العالم الثالث حيث كان أحد قادة التحالف الإنساني الذي قاد أكبر وأضخم مظاهرة في تاريخ الإنسانية ضد الحرب الغزو الاستعماري الأمريكي للعراق...وفي القضايا الفرنسية الداخلية انحاز آلان جريش لحق الوجود الإسلامي في الحياة العادلة وناضل معهم ضد العنصرية والتهميش والظلم الاجتماعي الذي طال الجاليات المهاجرة ومنها العرب...وكان دائما من دعاة الحوار والتفاهم بين أبناء الحضارات ..وفي هذا مازل كتابه المشترك مع المفكر السويسري المسلم طارق رمضان ( حوار حول الإسلام ) نموذجا للحوار الحقيقي ...
التقينا مع "آلان جريش" في القاهرة علي هامش زيارة له كان غرضها إدارة حوار مع العالم الإسلامي علي طريقته هو، حوار حضاري حضر فيه ضمن وفد من مائة سائح فرنسي قرروا أن يكون حوراهم مع الشرق الإسلامي بزيارة لاقدم عواصمه – القاهرة – والتعرف علي تاريخها وجغرافيتها وأهلها ..وهي رحلة نظمتها مجلة اللوموند ديبلوماتيك بالتعاون مع شركة سياحية كبري لإدارة حوار حقيقي بعيد عن اللغة الخشبية التي هي سمة الحوار الرسمي..وبعيدا عن هذه اللغة أيضا جري حوار المجلة مع آلان جريش ..وكان ما يلي:
* اشتغلت مبكرا علي قضية الحوار وكنت من أوائل من دعوا في أوربا إلي الحوار وإمكانية اللقاء بين الإسلام والغرب..ونذكر لك كتابك المشترك مع المفكر الإسلامي السويسري طارق رمضان ( أسئلة حول الإسلام )..فكيف تقيم فكرة الحوار الآن؟ وإلى أين انتهي الحوار في ضوء ما شهدناه من أزمة إساءة الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد صلي الله عليه وسلم ؟
** يبدو من المهم التوقف عند تجربة حوارنا – طارق رمضان وأنا- .. كان طارق رمضان قد كتب كتابا مشتركا مع باحث مسيحي تكلما فيه عن العلاقة بين الديانتين ودخلا في مسائل عقائدية..وكنت أري أن الحوار من الأفضل أن يكون حول قضايا غير عقائدية لكن ينطلق كل طرف من معتقداته .. لم اكن أريد الدخول معه في حوار في الدين بل كنت أريد حوارا سياسيا يعكس الرؤية الدينية ..فبدأنا حوارا آخر.
كانت القضية الأساسية في حوارنا أن نتكلم عن قضايا الشرق الأوسط؛ القضية الفلسطينية والعلاقات الدولية والاقتصادية والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.. كل هذه القضايا طرحناها سويا، هو من منطلقاته الإسلامية وأنا من منطلقاتي الإنسانية ولن أقول المسيحية.. جرى الحوار قبل عام من أحداث 11 سبتمبر وقد أحدث ردود فعل جيدة ..لكن في هذا الوقت لم يكن مثل هذا الحوار مهما أو أساسيا داخل المجتمع الفرنسي ولا الأوربي بالطبع..ولكن بعد 11 سبتمبر أصبحت قضية الإسلام أساسية في أي أجندة للحوار في فرنسا أو أوروبا.. طبعا أصبح لهذا الحوار علاقة مباشرة بما حدث في 11 سبتمبر والإرهاب وتنظيم القاعدة وأفكار أسامة بن لادن ...ثم أصبح الآن لهذا الحوار علاقة للجيل الجديد من المسلمين في فرنسا وفي أوربا وما يتصل بهم من القضايا التي تتصل بالتوفيق أوالتعايش بين معتقداتهم وبين ثقافة بلادهم الجديدة ..وقد خلقت هذه القضايا مناخا جديدا للحوار تولدت عنه مشاكل خاصة في مقدمتها مسألة الحجاب ..
وعاد الحوار بيننا ثانية في ضوء المشكلات الجديدة والمناخ الجديد الذي تعيشه أوربا ويعيشه العالم..وكان حوارا واسعا في المجتمع خلق ضغوطا علينا وعلى شخص طارق رمضان وحصلت ردود فعل كبيرة ضد كل الاتجاهات الإسلامية تقريبا ..فهناك مشكلة تتمثل في أن لدى الفرنسيين اعتقادا سائدا بأن كل مسلم لا يتكلم مثلهم هو ضد الجمهورية والحرية وضد فرنسا!
طبعا هناك مشكلة كبيرة في فرنسا وأوربا والغرب عموما فيما يتصل بالإسلام والمسلمين وهي تتمثل في عدم إدراك التنوع والتعدد بين المسلمين وفي الرؤي الإسلامية ..فالكل عندهم مسلمون والكل إسلام ..دون القدرة علي التمييز بين اتجاهات عديدة لدى المسلمين ..فليس كل المسلمين أسامة بن لادن كما ليس من المفترض أن كل من يحمل اسم أحمد أو محمد ينطبق عليه وصف المسلم..فكثير ممن يحملون الأسماء الإسلامية لا علاقة لهم بالدين الإسلامي..هناك مسلمون فرنسيون لهم قبول واسع بين الفرنسيين ولكن هذه أقلية فيما الأغلبية لها مفهوم للإسلام لا يجد قبولا كبيرا لدي الفرنسيين وهناك مشكلة كما قلت في أن معظم الفرنسيين يريدون مسلمين يتكلمون علي طريقتهم حتي يقبلوهم!.
كلمة المسلمون جديدة نسبيا علي فرنسا ..في السابق كنا نقول العرب وهناك عدم وعي في المجتمع الفرنسي والأوربي بتنوع هؤلاء فمنهم من هو تونسي أو جزائري أو أفريقي أو حتي فيتنامي ولكل من هذه الجنسيات مفهوما خاصا عن الإسلام فليس من الممكن أن نتكلم عن المسلمين ككل أو نضعهم في سلة واحدة... ولكن هذا للأسف ما هو سائد في فرنسا وبين الفرنسيين الذين لا يستطيعون إلي الآن فهم تنوع المسلمين ويعتقدون أنهم قوة واحدة، والسؤال المفتوح في المجتمع الفرنسي هل الفرنسيون الذين يقولون أنهم مسلمون فرنسيون بالفعل؟ وهل يمكن أن يكون هناك مسلمون فرنسيون وملتزمون بالجمهورية الفرنسية؟!.
* نفهم من كلامك هذا أن ضرورات الحوار صارت أكثر إلحاحا ولكن الصعوبات التي تواجهه صارت هي الأخرى أكثر وأشد من ذي قبل! فالحوار صار لازما يفرضه الحضور الكثيف للإسلام في المشهد العالمي ولكنه صارا صعبا من حيث الأجواء التي تحيط به ..فهل تعتقد أن حوار الإسلام والغرب أصيب بانتكاسة أم هي عقبات من السهل مواجهتها وأن الحاجة إليه ستتغلب على هذه العقبات؟
** أتفق مع ما تقول ..فضرورات الحوار تزيد بنفس زيادة عقباته ..ولكنني أظن أنه مهما كان حجم هذه العقبات فسيتم التغلب عليها ولكن هذا قد يستغرق وقتا.. وأظن أن قضية الإسلام ستكون محور اهتمام العالم خلال العشرين أو الثلاثين عاما المقبلة فليس هناك حل آخر سوى الحوار، وأنا أقصد هنا الإسلام ليس بمعناه الديني بالضرورة ولكن بما يتصل به أيضا بأهله ومن ينتمون له..وفي مقدمة ذلك المهاجرين إلي أوربا والأجيال الجديدة من المسلمين الذين لا تستطيع أوربا تجاوزهم عند الحديث عن سؤال المستقبل.
* لكن ما رايك في صيغ وأشكال الحوار الحالية بين العالم الإسلامي والغرب، وما تقييمك لأداء الهيئات والمؤسسات التي أنشأت لهذا الغرض؟
** أظن أن هذه الأشكال- خاصة الرسمي منها- ليس لها وزن كبير أو قيمة في الحوار، فالمشاكل التي تواجهنا وتحتاج للحوار ليست دينية عقائدية في نظري حتي يدار حولها الحوار ..وحين نفكر في ردود الفعل الأوروبية حول الإسلام والمسلمين سنجد إنها ليست ردود فعل دينية؛ فعلاقة المجتمعات الأوروبية بالأديان عموما علاقات سطحية وضعيفة وهي ليست ضد الإسلام كدين.. هم يقولون إنهم ضد ثقافة إسلامية ترفض الديمقراطية وتعادي المرأة ولابد أن يحل المسلمون هذه الإشكاليات..في حين أعتقد أن المشاكل الأساسية للمسلمين في أوروبا هي مشاكل اجتماعية وعنصرية، وقد شهدنا مثالا على ذلك لما حدث في فرنسا في نوفمبر الماضي حين وقعت أحداث العنف في الضواحي ..لقد ظهر أن المشاكل الأساسية لما نسميه الجيل الإسلامي الجديد هي مشاكل اجتماعية في الأساس وهو ما ينطبق كذلك علي الفرنسيين من الديانات الأخرى، فالشاب في هذه الضواحي من الصعب أن يجد عملا حتي إذا كان متعلما تعليما جيدا أما إذا كان اسمه أحمد فسيصبح الأمر مستحيلا! هذه قضية أساسية لابد من حلها ..لابد من وقف التمييز ضد شباب الضواحي والشباب المسلم جزء كبير منهم ..والعنف الذي اشتعل في الضواحي لا يعكس صراعا دينيا بين الجيل الجديد من المسلمين وبين المجتمع كما يريد البعض أن يقنعنا بذلك ..بل هو صراع اجتماعي بالأساس ..إنه احتجاج من شباب الضواحي ضد التمييز والتهميش والبطالة والظلم الاجتماعي وكانت الصدفة أن معظم هؤلاء مسلمين..وما يؤكد ذلك أنه علي الناحية الأخري سنجد المسلمين المميزين اجتماعيا والذين لا يعانون أزمة سكان الضواحي لم يكونوا طرفا في هذا الصراع!
ولذلك أنا دائما ما أقول أنه لابد من عمل جبهة من الناس الذين يدفعون ثمنا باهظا للعولمة الاقتصادية الليبرالية المتوحشة التي تخلو من اي إنسانية ..وفي هذه الجبهة التي تضم المقهورين والمهمشين سنجد المسلم وغير المسلم ..وستكون الأغلبية من غير المسلمين..ففي فرنسا إذا كان أغلبية فقراء الضواحي مسلمين فإن الأغلبية في فرنسا فقراء وغير مسلمين ..ولابد أن يصبح الجميع في جبهة واحدة.
* إذن القضية في رايك أن العالم لا يشهد صراع حضارات وثقافات بقدر ما هو صراع مصالح أو سياسات اجتماعية؟
** بالطبع..المسالة هكذا ..لكن للأسف هناك من يفضل ألا يرى المشاكل الاجتماعية والطبقية فيحيلها إلي وجود صراع الحضارات بين المسلمين وغير المسلمين..حتي بين ابناء الطبقات الفقيرة في فرنسا نراهم يفكرون أن العدو هو المسلم الذي يمكن ان يكون فقيرا مثلهم..كما أن بين المسلمين من يفكر أن المجتمع كله ضدهم للأسف..هناك فعلا اتجاه يري أننا في فرنسا وأوروبا أمام حرب ثقافية وصراع حضارات...لكن هناك اتجاه يتنامي الآن يري أن الظلم والتهميش ونهب الثروات وكل نتائج سياسات العولمة المتوحشة هي اساس البلاء ..وأن علي الجماهير التي تدفع الثمن أن توحد معركتها ضد الاستغلال ونهب ثرواتها وأن يتحدوا وفيهم المسلمون وغير المسلمين.. وأتصور أن الأمور تتضح تدريجيا ..وفي أحداث الضواحي الفرنسية تآكل تماما الحديث عن صراع الحضارات وأن المسئولية عنها ثقافية حضارية ..تلاشي هذا الكلام تماما بين المثقفين وفي الصحف الفرنسية ..حتي اليمين الفرنسي المتطرف لم يجرؤ علي القول بذلك ..فالمعاناة الاجتماعية كانت واضحة للجميع ولم يكن ممكنا الهرب إلي القول بصراع الحضارات ..ربما لجأت لهذا الميديا الأمريكية التي اعتبرت ما جري في الضواحي حرب حضارات مصغرة أو بروفة لما هو قادم .. لكن الأمر كان واضحا في فرنسا ..الجميع اتفقوا علي أنا امام مشكلات اجتماعية كبيرة وهي موجودة على الأرض وإذا لم تحل فستزداد وتتفاقم.
* رغم وجود اتجاهات غربية تدعو إلي الحوار لكن البعض يوجه إليها انتقادان تبدو لها وجاهتها ..فهي تقع في أسر المركزية الغربية هي الأخري رغم أنها تقول غير ذلك، فهم يختارون من يحاورونهم ويحددون أجندة وقضايا الحوار وفق رؤيتهم واهتماتهم الخاصة..فتختار الدنمارك مثلا أن تتحاور مع عمرو خالد وليس يوسف القرضاوي ..وترفض الحوار مع الممثلين الأكبر للجالية المسلمة وتفضل عليهم المسلمين العلمانيين حتي ولو لم يكن لهم أي حضور أو مصداقية بين الجالية..وإذا دار حوار فحول إمامة المرأة أو حق قيادة المرأة للسيارات في السعودية أوغيرها من القضايا التي لا تحتل أولوية لدي أهل البلد وتسبقها أولويات أخري ..حتي المسلمين الغربيين يقعون في نفس المركزية حين يفرضون علي العالم الإسلامي أجندة قضايا غير حقيقية أو مبالغ فيها ولا تمثل إلا الاهتمام الغربي وهو ما رأيناه في البيان الذي أصدره طارق رمضان العام الماضي في إطار الحديث عن حوار غسلامي عالمي ..حيث دعا الأمة الإسلامية إلي إعلان تعليق العمل بالحدود الإسلامية! رغم أن الحدود لا تطبق إلا في دولة واحدة وهي في كل الأحوال ليست في أجندة الاهتمام أو المشكلات الأساسية التي ينتظر من العالم الإسلامي أن يدير عليها حوارا مع الغرب.. فكيف ترى فكرة الخروج بفكرة حوار الحضارات أو الأديان من هذه المركزية الغربية على مستوى الغرب المسيحي أو الغرب الإنساني أو حتي الغرب الإسلامي؟
** نعم هذا صحيح ..هناك مركزية غربية ..وجدول أعمال الحوار بين اغرب والعالم الإسلامي دائما جدول غربي، وهذه مسئولية غربية فعلا لكن هناك جزء من المسئولية يقع أيضا على الشرق، فإذا اخذنا مشكلة الحدود التي هي هامشية فعلا كما قلت في العالم الإسلامي وجدنا أنها تلعب دورا بالغ الخطر ضد الإسلام اليوم في الغرب وليس في الشرق، والسؤال المطروح هو: كيف للمسلمين في الشرق أن يحلو هذه الإشكالية في وعي الغرب؟ ..وكذلك الأمر بالنسبة لمشكلة المرأة؛ فالمجتمع الغربي ينظر للمرأة نظرة أخرى بخلاف النظرة الإسلامية..ومن ثم فليس من الممكن أن نقول أن هذه أجندة غربية..فلابد أن يتشبك المسلمون مع أسئلة الغرب في هذه القشايا إذا كانوا يريدون التواصل مع الرأي العام الغربي.
* أتصور ان هناك مشكلة حتي مع التيار الإنساني الغربي الذي تمثله والراغب في الحوار مع العالم الإسلامي وهي المدخل المفترض في الحوار بيننا ..لماذا التركيز علي المدخل الثقافي وهو لا يصلح مطلقا كأساس لجبهة إنسانية عالمية أو خطاب عالمي..المدخل الثقافي الذي يسعي لتوحيد قياسي أو قل تنميط رؤية عالمية في قضية حقوق الإنسان والحريات ووضع المراة والأسرة والتربية والثواب والعقاب يغفل التعددية الثقافية التي لابد أن تحترم في العالم..أليس للإنسانية الحق في تعيش التعددية والتنوع الثقافي؟ لماذا لا يكون لدى الغرب قناعة بأن أجندة الحوار يجب أن تفرضها الضرورات الملحة لدي الشعوب؟
** نعم التعددية الثقافية مهمة للعالم ..وأظنك تعرف أن هذه قناعتي وأن نضالنا متوجه إلي تأكيد هذه التعددية والدفاع عنها ..ولكن في نفس الوقت لابد أن نفهم معني تعددية الثقافات، فإذا أخذنا مثلا مشكلة الإعدام في أمريكا سنجد أن هذه المسألة تأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام لدى الفرنسيين وربما كان واحد من أسباب التوجه المضاد لأمريكا في فرنسا هو عقوبة الإعدام التي هي في الوعي الفرنسي ضد الإنسانية، رغم أنها قد لا تكون قضية أساسية في المجتمع الأميركي، ولكن في نفس الوقت لابد أن يكون بالإمكان الحوار حولها.
* ألا تري أن هناك رغبة في توحيد المنظور الغربي على العالم باعتباره منظورا عالميا؟
** ربما توجد مثل هذه الرغبة عند البعض ..وهذه مشكلة بالطبع، لكن أعتقد انه لابد أن يكون هناك توازن بين المحلي والعالمي ..والأقرار في النهاية بأن هناك قيم إنسانية عالمية وأخري مؤقتة يجب أن تتغير.
*للتقريب أقول لك أن بلدا أوربيا مثل هولندا اقر قانون القتل الرحيم ( قتل الميئوس من شفائهم ) ..نحن في العالم الإسلامي رفضناه واعتبرناه خاصا بوضع غربي خاص وفيه خصوصية غربية رغم أننا نراها غير إنسانية في منظورنا الإسلامي..فلماذا لا يكف الغرب بالمقابل عن فرض منظومة قيمه علي العالم ويتحدث عن صيغ معينة للعقاب دون غيرها كما في عقوبة الإعدام؟
** ومن قال أن صيغ العقاب لابد أن تكون واحدة في العالم؟ لا أحد يقبل بذلك ...لكن هناك ما يمكن ان يتحول إلي قانون عالمي ..وأنا أرد عليك بمثال اخر.. مثلا كان التعذيب في وقت من الأوقات في السجون الفرنسية في القرن الثامن عشر مقبولا..وكان كل العالم يوافق على مبدأ التعذيب.. الان تغير الوضع وتطورت الإنسانية وصار الجميع يرفض التعذيب.. أنا اتفق معك في أن الغرب ليس مع تعددية الثقافات ولكن في نفس الوقت لابد من الاعتراف بأن كثيرا من أنظمة العالم الثالث تستخدم هذه التعددية لأغراض خاصة ولغير الحق..مثل الحديث عن الخصوصية في الديمقراطية لوقف الإصلاح السياسي ... فلابد أن يكون هناك توازنا..لا أستطيع تحديد كيفية هذا التوازن ولكن لابد أن يكون هناك حوار حقيقي ..والمشكلة في كيف يحدث الحوار الحقيقي.
* لكن ألا تري أن المدخل الثقافي لبناء تيار إنساني عالمي غير مناسب..وأن مدخل العدل الإنساني في حق الاستفادة من الثروات وتوزيعها بشكل عادل وعدم استحواذ القوي الكبري عليها ووقف نهب هذه الثروات يمكن أن يكون المدخل الأفضل؟
** أتفق معك في ذلك..العدالة الاجتماعية ووقف نهب الشعوب والتصدي للآثار المدمرة للعولمة الاقتصادية يمكن أن يكون أرضية اللقاء بين الشعوب ويمكن ان يؤسس لتحالف إنساني عالمي..وكذلك أيضا أولوية التصدي لمشروع الهيمنة الأمريكية السياسية علي العالم والسعي إلي وضعه تحت السيطرة.
* هل نعتبر ذلك اقتراحا منك للدوائر المهتمة بحوار الحضارات ؟
** أولا أنا ضد فكرة حوار الحضارات بالشكل الغريب الذي تجري عليه ..وأظن أن الحوار لابد أن يخرج من إطاره الرسمي..وأن يصبح حوار حقيقيا متصلا بين فئات مختلفة في كل حضارة لكي نفهم كيف يفكر الآخر ..كما اري أن أفضل أنواع الحوار هو العمل المشترك حول موضوعات محددة ..مثل أن نتحاور حول قضايا معينة مثل القضية الفلسطينية وكيفية دعمها ..هذا علي المستوى السياسي مثلا ..أما على المستوى الاجتماعي فاقترح أن ننضم سويا للوقوف ضد العولمة الاقتصادية الليبرالية.
* نعرف اهتمامك وتيار اليسار الجديد في أوربا بقضية مناهضة العولمة ..ونتابع دعوتك إلي فكرة بناء جبهة عالمية إنسانية لمواجهة هذه العولمة هل تري أن هذه اللحظة هي اللحظة المناسبة فعلا لإطلاق هذه الجبهة ؟
** نحن بدأنا هذه الجبهة مع تشكيل المنتدي الاجتماعي الذي يعقد سنويا متزامنا مع منتدي دافوس الذي يجمع أقطاب العولمة والمستفيدين منها ..وأتصور أنه لو كان هناك وجه طيب للعولمة فهو تطور وسائل الاتصال التي قربتنا كثيرا من بعضنا البعض ومن ثم خلقت إمكانية للتفاهم مع امكانية للخوف أيضا، وقد كان المنتدي فرصتنا لبحث مستقبل العالم في ظل عولمة بلا إنسانية تستغل فيها اٌقلية ثروات الشعوب..وأعتقد أن القضية الاجتماعية هي التي جمعتنا ..فغالبية سكان العالم تعاني وخاصة دول الجنوب من جراء العولمة..واللحظة التي نعيشها هي الأفضل لإطلاق مبادرة وبناء تكتل عالمي ضد المستغلين ولصوص العالم.
* وما تقييمك لتفاعل الخطاب الإسلامي وتعاطيه مع هذا التوجه؟ وكيف تري الموقف العربي واحتمالات الالتئام في هذه الجبهة؟
** للأسف..مازال دون المستوي..فإذا نظرنا إلى العالم سنجد أن أقل منطقة مشاركة في هذه الجبهة هي المنطقة العربية..وهذا غريب وغير متفهم بالنسبة للكثيرين..فالعالم كله تعاطف مع قضية العراق ..وانتظمت جبهة إنسانية عالمية ضد الحرب التي كان غزوا استعماريا لنهب ثروات العراق ..وقامت هذه الجبهة بأكبر مظاهرة في التاريخ من أجل قضية عربية ..ورغم ذلك فالوجود العربي ضعيف بل مخجل في هذه الجبهة.. وأظن أن أحد أسباب هذا الغياب هو أنه هو ليس هناك وعي كبير في العالم العربي بالقضية الاجتماعية، كما أن اهتمام التيار السائد وهو التيار الإسلامي-خاصة الإخوان المسلمين- ضعيف بالمسالة الاجتماعية..ومجمل تركيزه علي القضايا السياسية وربما الأخلاقية الثقافية ..وأعتقد أن مستقبل الإسلاميين في العالم العربي لن يختلف كثيرا عن نظرائهم في تركيا ..ومن يستمع إلي خطاب الإسلاميين الأتراك سيجد انه قائم في جوهره على النيوليبرالية التي تمهد الطريقة لاستغلال العولمة...والسؤال الملح بالنسبة لي الآن هو كيف يكون هناك خطاب إسلامي اجتماعي؟
* ولكن هناك بوادر لخطاب إسلامي إنساني ظهرت في الفترة الأخيرة ..هناك حركة تضامن إسلامية مع ضحايا الكوارث البشرية في أنحاء العالم ..هناك فتاوي لها بعد إنساني مثل فتوي الشيخ علي جمعة مفتي مصر الأخيرة بالتبرع بالأضاحي للفقراء والمنكوبين المسيحيين من غير المسلمين؟
** فعلا ,,بدأت أتباع ذلك ..وربما لهذا السبب بدانا حوارا مع طارق رمضان للعمل سويا من اجل القضايا الاجتماعية.. وأظن أن حدث 11 سبتمبر لعب دورا مهما في بدء فقد بدأ حوار داخلي بين المسلمين أنفسهم في هذا الاتجاه بعدما طرح سؤال أي إسلام يريده المسلمون؟ وأي نموذج إسلامي يحتاحونه؟
* هل تعتقد أن هذا الاتجاه مؤشر لحالة انفتاح إسلامي علي الآخر ورغبة في التواصل معه والعيش المشترك؟
** فعلا هناك حالة انفتاح تعيشها الحالة الإسلامية..قمت بجولة في السعودية مؤخرا معقل التيار السلفي الوهابي وجدن انفتاحا كبيرا حتي لدي الدعاة المحسوبين علي هذا الوهابية ..هناك وعي أكثر بالعالم ورغبة في التواصل معه وإدارة نقاش موسع ..وهذا مهم في رأيي ..لأنني أعتقد أن التغير لابد أن يأتي من داخل الإسلام نفسه ..ومن داخل منظومته وليس من خارجها ..قد تلعب الضغوط الخارجية دورا لكن لابد أن يكون التغيير من داخل الإسلام نفسه وليس قسرا عليه.
* بدا ان لحظة غزو العراق كانت من أهم لحظات التحول الإنساني حين خرجت أكبر مظاهرات في التاريخ ترفض الغزو.. كيف كنت ترى هذه اللحظة وكيف ترى مستقبل هذا التحالف العالمي الذي تأسس على قضية رفض قهر شعب تحت دعاوى غير حقيقية؟
** أراها لحظة إيجابية وسلبية أيضا.. سلبية لأننا قمنا باكبر مظاهرات ضد الحرب ولكنها وقعت ولم تفعل المظاهرات شيئا ..بل ساد الاعتقاد بأن بن لادن أكثر نجاحا وأكثر جدوي فهو الذي نجح في ضرب أميركا..ولهذا أقول أنه إذا لم تنجح جبهة التحالف الإنساني فسيعطي ذلك ثقلا لأفكار صراع الحضارات ويزيد من عدد من يفكر في انتهاج طريق العنف لمقاومة أميركا.. ولكن من إيجابيات هذه اللحظة أنها دشنت لبداية مرحلة طويلة للنضال من أجل عالم متعدد الثقافات والحضارات ..غير أن لدي الجبهة مشاكلها أيضا التي قد تحتاج عشرين عاما لكي تتمكن من حلها ..ففكرة التعددية الثقافية ليست مستقرة بين هذه الجبهة، فبعض مناهضي العولمة يقولون أنهم يريدون عالما اخر فقط ضد العالم الحالي ( عولمة بديلة ) وأنا ضد هذا ..آنا مع تعدد العوالم ..وليس مع الاختيار بين عالمين فقط .
* كنت ورفاق مدرسة اللوموند ديبلوماتيك في طليعة حركة التضامن التي بدات في أوربا للتضامن مع الحق الفلسطيني ..فأين هذه الحركة الآن ؟ وإلي أين انتهت قضية التضامن الأوربي مع فلسطين؟
** يمكن أن نقول أن التأييد الفلسطيني داخل الرأي العام الأوروبي موجود، لكن المشكلة أن أزمة السلطة الفلسطينية نفسها وما تولد عنها من مشروعات خلق أزمة لدى حركة التضامن.. فقد صارت لدينا سلطة فتح وحركة حماس فمن يؤيد الأوربيين؟ من الواضح أن القضية الفلسطينية ومنذ وفاة أبو عمار تاهت ..ولم يعد هناك معلم واضح لها خاصة بعدما بدا أبو مازن حوارا مع الاميركان والإسرائليين كان فيما أظنه حوارا غير جاد من الناحية الأميركية والإسرائيلية.
* هل تعتقد أن مسارات حركة التحرر الفلسطيني ألقت بظلالها علي حركة التضامن معها؟
** نعم ..إذا آخذنا حركة التضامن الأوربية مع الشعب الفلسطيني سنجد إنها كانت كبيرة بعد غزو إسرائيل للبنان 1982 والمذابح البشعة التي ارتكبتها، ثم ازدادت بعد الانتفاضة الأولي عام 1987، لكنها هدأت بعد اتفاقيات أوسلو لأن الرأي العام الأوروبي كان يعتقد أن هناك حلولا للقضية ..وهكذا فحركة التضامن ربما تعلو فترة وتتراجع أخري بحسب المشروع الفلسطيني نفسه.
*هل ترى ان حركة التحرر الفلسطينية قادرة على توصيل رسالة إيجابية تعزز من فكرة التضامن الأوروبي؟
** نعم بالطبع.. واضرب لك مثالا بالفنانة ليلي شهيد التي جابت أوروبا وحازت تعاطفا هائلا .. ولكن هناك أزمة في الحركة الفلسطينية..تتمثل في كيفية تبني مشروع مقاومة مستمرة وحركة شعبية متواصلة ضد الاحتلال اليوم دون أن يقتصر هذا علي القيام بعمليات عسكرية..التحرر الوطني أكبر وأوسع من مجرد عمليات عسكرية مهما كان عددها.زولابد للحركة الوطنية الفلسطينية أن تعيد النظر في ذلك حتي لا تفقد بوصلتها.
* أوشك المشروع الفلسطيني أن يغادر مشروع فتح وتراثه الكبير من التواصل مع أوروبا وهو علي أعتاب مشروع إسلامي يقود حركة التحرر كيف ترى إمكانية تواصل قادة حماس مع العالم وخاصة أوربا وكيف سيكون مردود ذلك على التعاطف الأوروبي معهم؟
** أتصور أنهم قادرون علي ذلك ...سيكون هناك مشكلات وشكوك علي الأقل في البداية فهناك خوف في أوروبا من الحركات الإسلامية بشكل عام ومن حماس بشكل خاص ..ولكن أتوقع تغيرا.
* وكيف تتعامل حماس الان؟
** أتصور أنها هي نفس مشكلة فتح بعد 1967 حيث لم يكن هناك من يقبل خطاب حركة فتح في ذلك التاريخ، ثم بدأوا في فتح مقرات لهم في أوروبا وبدأوا حوارا مع اليسار الأوروبي وبدأوا يفهمون سياسة العالم وكيف أنهم ليس بإمكانياتهم تحرير فلسطين وحدهم ولذا تعاملوا مع الآخر..ولا أدري إلى الان كيف ستتعامل حماس..ولكن أعتقد ان لديها خبرة سياسية قوية منذ عام 1987 فقد رفضت أي حرب أهلية وأظنها ستستفيد مستقبلا تجيد منطق التعامل مع الغرب.
* وهل تتوقع مثلا أن تستوعب حماس وتفرغ منه مضمونها كما حدث مع فتح بدءا من مراجعة الميثاق وتعديله حتي تعديل المشروع لاتحرري نفسه انتهاء بالسقوط في براثن السلطة وفسادها..أن تستطيع حماس استيعاب ما جرى لفتح؟
** أظن أن المشروع الفلسطيني في الفترة الحالية ليس مشروع دولة فلسطينية في القطاع وغزة مع القدس الشرقية كعاصمة ..فهذا كله لا أفق له في هذه الفترة في ظل حكومة يمنية متطرفة في إسرائيل ومثلها لا تقل عنها تطرفا في أميركا.. كل القضايا المتلعقة بالدولة من القدس واللاجئين وغيره مؤجل ومعطل ..ولا أحد يضغط علي المتطرفين في إسرائيل أو أمريكا ..ومن ثم فلا أتصور أن هناك إمكانية للحوار ..وليس هناك قائد فلسطيني سيقبل بما تريده إسرائيل الان ولا اعتقد ان حماس يمكن أن تغير من مواقفها.
* فوز حماس وتوليها السلطة يجرنا إلي الحديث عن الإسلاميين ..فهناك قناعة بأن مزاج المنطقة في هذه اللحظة مزاج إسلامي والصعود الإسلامي مرشح للتكرار في مصر والمغرب بعدما وصلوا للسلطة في فلسطين ..فكيف ترى النموذج الذي يقدمه الإسلاميون وما يتعلق منه بالمشروع الأميركي بشكل أساسي؟
** أنا أظن أنه لابد أن تمر المنطقة بهذه التجربة؛ تجربة وصول الإسلاميين إلى السلطة. إذا كنا نريد أن تدخل المنطقة إلى الديمقراطية لابد أن نقبل بهذا.. ولكن لابد أيضا أن يكون هناك نقاش حول برنامج سياسي اجتماعي لهذه القوى.. قد يكون هناك بعد ثقافي لهؤلاء الإسلاميين ولكن إذا لم يكن هناك برنامج فستنهار تجاربهم بسرعة.
أما لجهة العلاقة مع أمريكا.. فلا أتوقع أن يؤدي صعود الإسلاميين إلي خلط الاوراق السياسية في المنطقة.. إذا أخذنا مثالا لوصول الإخوان المسلمين في مصر سنجد انهم لن يغيروا من شكل العلاقة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة وليس لديهم تصور مختلف حول هذا.. والولايات المتحدة اكثر ذكاءا من أوروبا..أميركا ليس لديها مشكلات مع الإسلاميين بينما نحن في أوروبا,فأمريكا بلد الدين يلعب فيه دورا كبيرا في الحياة العامة.واليمين الديني يقوده الان وهناك تفهم لدور ديني في السياسة ..بينما أوربا مازالت مرتبطة بتاريخ صراعها مع الدين ..أوربا لديها مشكلة في هذا الملف ..بينما أمريكا لها تاريخ فيه ولا تنس أنه كان هناك تحالف استراتيجي بين الأميركيان والإسلاميين في الثمانينات...كما أن تجربة الإسلاميين الأتراك لعبت دورا في النظرة الأمريكية للإسلاميين ..فالمصالح الاستراتيجية لم تتأثر كما أن الإسلاميين الاتراك هم من مهدوا طريق تركيا إلي الرأسمالية.
* سؤال يبدو ملحا ومشتبكا مع كثير من القضايا التي ناقشناها..كيف نتعامل مع قضية الهولوكست ..في ظل صراعنا مع مشروع صهيوني يقوده يهود يستغلون الهولوكست ضد الحق العربي الفلسطيني؟ ولماذا في رأيك تحتمي الهولوكوست بقوانين رسمية في أوربا بينما ترفض أوربا سن قوانين لمنع الإساءة للأديان علي غرار ما جري للرسول صلي الله عليه وسلم في الأزمة الأخيرة؟
** نعم هناك قانون في فرنسا يمنع التشكيك في الهولوكوست..وأنا شخصيا ضد هذا القانون الذي لا يوجد مثلا في الولايات المتحدة..والمشكلة عندي في أن تتركز الجهود العربية علي نفي الهولوكوست وتخوض معارك لا طائل من ورائها من أجل ذلك ..أنا مقتنع بأن الهولوكوست حصل وقتل عدة ملايين يهودي وهناك آلاف الكتب حول هذا ..وما يكتبه من ينكرون الهولوكست أقرب إلي رغبة في المخالفة أو التصدي للابتزاز ..لكن انا من رايي أن هذا المسلك خطأ ..والصواب هو أن نكافح معا ضد المجازر البشرية التي تجري في أي مكان وضد أي بشر وأن نكافح أيضا ضد استغلال الهولوكوست لتأييد إسرائيل وهذا هو الأخطر ..ليس كل من يؤيد وقوع الهولكست هو مع إسرائيل ..وعلينا أن نفصل بين القضيتين ..علينا أن نقول أنه لا هلاقة بين القضيتين وأن نقول للرأي العام الأوروبي أنه لا يجب أن يكون الهولوكست مبررا لمذابح اسرائيلية ضد الفلسطينين ولا مبرر لأن يدفع الفلسطينيون ثمن محارق ارتكبتها أوربا ..وأن نؤكد للراي العام الأوربي أن فلسطين قضية مهمة للعرب والمسلمين مثلما الهولوكست مهم بالنسبة لأوربا..موضوع الهولوكست له أهمية مركزية في العقل الأوربي وليس من الضروري العبث به أو الضغط عليه.
* وهل تؤيد سن قوانين علي هذا الغرار تحمي الأديان من العبث خاصة وأن الإساءة للرسول بدت متواطأ عليها ؟
** أنا شخصيا ضد الإساءة للأديان والمقدسات ..وضد الاعتداء علي مقدسات الغير أو امتهانها..لا أعرف إماكنية سن مثل هذه القوانين..وكيف سينظر إليها من زاوية تأثيرها علي الحريات التي هي مقدسة لدي الغرب...لكن مبدئيا يجب أن نفهم أن مسألة الدين في السياق الغربي وخاصة الفرنسي ليست نفسها في الشرق والعالم الإسلامي..هناك صريع مرير ضد الدين قام به المجتمع الفرنسي ومازال حاضرا في ذاكرته..وهناك أيضا أن إشعال الحرائق يبدو مقصودا من صحف هامشية تجري وراء الإثارة والربح السريع..في فرنسا امتنعت كل الصحف الكبري والمحترمة عن نشر الرسوم المسئة للرسول ..فقط جريدتان هامشيتان فعلا ذلك والمفارقة أنهما يعانيتم من ضعف التوزيع ( واجدة ارتفع توزيعها من 50 ألف إلي 400 ألف نسخة ) كما أنه ملاك هذه الصحف هم من كبار تجار السلاح..وأظن أن التحدي الأكبر لمثل هذه الصحف كان لا ينبغي أن يكون إثبات حرية التعرض لنبي المسلمين بقدر ما هو حرية الكتابة عن مافيا السلاح!!
مجلة المجلة السعودية